Thursday 3 August 2017

مخرج عبقرى أم طفل يرفض الدخول في عالم الكبار؟ ستيفن سبيلبرج



ظاهرة استرعت انتباه الكثيرين …. كتب عنه الكثيرون في جميع أنحاء العالم … يقولون عنه: عينة لموضة هوليوودية جديدة، موضة الإنتاج السوبر بواسطة التكنولوجيا عالية المستوى"

ولكن هل هو كذلك بالفعل، الكثيرون يحاولون فهم هذه الظاهرة الهوليوودية، وهناك من يرى أن ستيفن سببيلبرج ليس سوى طفل يحلم ويؤمن "أن الحلم يحررنا من يأسنا"، طفل يستمتع بشقاوة الأطفال ويظهرها في أصعب اللقطات وأحرج اللحظات (فيلم المبارزة 1972)، طفل عنيد استحواذي يرفض الشعور بالنضج، يبحث عن طفولته، عن لحظة في الوجود لا يمكن استعادتها في الواقع (فيلم اكسبريس شوجرلاند 1974) .

ليس هذا فقط فهو أيضاً يؤمن بتلك "النعمة" التي عبر عنها مخرجه المحبوب تروفو، تلك النعمة التي أحياناً ما تتحكم في مصير الأطفال (الفك المفترس 1975)، إنه ذلك الطفل الذي يؤمن بوجود لقاءات مع الكائنات الفضائية، بل يؤمن أن تلك الكائنات ستفضل مقابلة الأطفال (لقاءات قريبة من النوع الثالث). إنه طفل تبهره الطائرات ويحلم بالطيران والتحليق في الأفق، ليس هذا فقط بل النظر من أعلى لرؤية الفوضى كشيء ممتع مثير للضحك (فيلم 1941 إنتاج 1979).

بل هو يستمتع بالرسوم المتحركة، ويستمتع بتحريك الشخصيات الحقيقية والأحداث كما يحدث عادة في مغامرات الكارتون (غزاة الكنز المفقود 1980).

ولكن الطفل يتقدم في الإخراج وينجح وتصبح له الحرية أن "يلعب" كما يشاء فهو نجم الشباك، فأنطلق بخياله وحاول أن يحقق الحدوتة التي طالما حلم بها، أن يكون الطفل هو بطل هذا الحلم، مع كائن فضائي رائع ورقيق، يقف بجوار أصدقاءه الأطفال عندما يهاجمهم الكبار، هذا الطفل يؤمن بأن الفوضى لا تأتي من الصغار بل أن دخول الكبار إلي عالم الأطفال هو الذي يسبب الفوضى (فيلم ET  1982).  إنه ذلك الرجل  الذي يؤمن بقدرة الحلم (أركل العلبة 1983). بل هو الذي أحياناً ما يخرج أفلاماً لا يستمتع بها سوى طفل في السابعة من عمره (انديانا جونز والمعبد الملعون 1984).

ولكن يفاجئ سبيلبرج الطفل الجميع سنة 1986 عندما يخرج فيلماً غير متوقعاً (اللون القرمزي)، فيلم أسود تماماً، مؤلماً، إلا أنه حتى في هذا الفيلم قد قدم ET  الأسود الخاص به، مميزاً إياه بتلميحات طفولية، ولكن يبدو أن الطفل يبدأ إدراك معنى فقدان البراءة، ومعنى الخوف واليأس (إمبراطورية الشمس 1987) ولكنه لا يفقد الولع للطيران، رمز الحرية ، بل يؤمن أنه لكي تحصل على حريتك يجب أن تعطي للآخرين حريتهم، ولكي تربح جمهوراً يجب أن تتركه حراً لكي يتخيل، لأن يحلم ويختار انفعالاته الخاصة وخياله الخاص (دائماً 1988)، بل هو الابن المهمل الذي يحتاج لوجود أباه خلفه ليخبره أن الإيمان هو السبيل الوحيد للنجاة من الموت (انديانا جونز والحرب الصليبية الأخيرة 1989).

وأخيراً يحقق الطفل حلمه القديم للتحليق في السماء مع جنيته الصغيرة ليعود من حيث أتى، من جزيرة بلا وجود،  حيث يستطيع أن يعود طفلاً إلى الأبد (كابتن هوك 1992)، طفلاً يخشى الكبار وعالمهم الذي يمكن أن يوقع به في كوارث لا يمكنه فهمها (حديقة الدايناصورات 1993).
ولكن نظراً لأنه طفل يعيش في عالم، ليس فقط واقعياً ولكنه أيضاً قاسياً، فهو يمكنه أيضاً أن يسقط فريسة للحقيقة مثله مثل أي شخص آخر، ففي الحياة الحقيقية لا يوجد فارق بين الكبار والصغار؛ جميعهم يمكن أن يصبحوا متوحشين، وجميعهم يمكن أن يسقطوا ضحايا (قائمة شندلر 1994).

هذا ما يختم به المؤلف الإيطالي والناقد وأستاذ الأدب الأنجلو أمريكاني فرانكو لابوللا كتابه "ستيفن سبيلبرج، ترجمته أماني فوزي حبشي وقدمه الأستاذ الدكتور يحيى عزمي وأصدرته وحدة الإصدارات في أكاديمية الفنون 



No comments:

Post a Comment