Sunday 20 May 2018

عن أخيلة الظل والقراءة البطيئة

بعض الروايات نبدأها وننتهي من قرائتها بسرعة، بل وأحيانًا نحاول نحن أن نسرع من القراءة حيث تأسرنا الأحداث والرغبة في معرفة ماذا سيحدث بعد ذلك للشخصيات،  وكيف سينتهي هذا الأمر أو الآخر ... تلك الإثارة في الكتابة والتي تحملنا معها في متعة خاصة
البعض الآخر يستلزم نوعًا من القراءة الهادئة، اسميها التأملية، فأنا لا أقرأ مغامرة ولا
 قصة أحداثها سريعة ولكن عمق ما، دعوة للتوقف أمام  "تطور" مشاعر الشخصيات، تأمل في كل حركة وفعل، بل وفكرة، تأمل في الأحداث الحالية، والأحداث الماضية، ومحاولة البحث في تلك الوقفات عن المعنى، معنى لتواجدهم على تلك الصفحات، ومعنى تواجد أشياء كثيرة حولهم وحولنا في الحياة 

 ورواية   أخيلة الظل لمنصورة عز الدين من تلك النوعية الثانية.  بدأت القراءة منذ أسابيع، ولازلت أستمتع بها، أستمتع بتلك التأملات التي تأتيني في ظلال تلك الشخصيات في أخيلتها بالفعل، والبطء في القراءة هنا، في حالتي، من أكثر عوامل الاستمتاع بالرواية، حيث أجد نفسي أتوقف أمام بعض فقرات الكتاب لأفهم  ما يرغب المؤلف في نقله، أفهم أشياء عن الشخصيات بل وأفهم أيضًا أشياءً عن نفسي، 
ومن الفقرات التي توقفت عندها اليوم هي تلك التي تتحدث عن الكلمات 

 كان قد قرأ يومًا عن "البابو" وهي قبائل لغتنها فقيرة ومعجمها اللغوي محدود ويتناقص باستمرار، لأنهم يحذفون كلمات من لغتهم كلما مات أحدهمّ لم تشبع المعلومة العابرة فضوله: هل تٌحذف الكلمات اعتباطًا؟ أم يميتون قصدًا كلمات معينة مرتبطة في ذاكرتهم بالفقيد؟ 
 أسرته الفكرة لفترة: لغة تنكمش حتى تغرق في الصمت والسكون، ويستعيض متحدثوها عنها بالإشارات. لغة تتلاشى، لا ريب، بما أنها محدودة، وبما أن الموت حدث حتمي. ذكره هذا بجدته بشكل ما، بدت له كأنما كانت تنتمي إلى هذه القبائل وتحذو حذو أفرادها. 
مؤكد أنها لم تعرف شيئًا عنهم، ومع هذا سارت على نهجهم، دون وعي منها. ابتلعت كلمات كثيرة، وتركتها تغرف في جوفها، لم تنطق بها لا بلغتها الأم، ولا بلغة زوجها الأصلية أو لغة مهجرهما. لم تصمت فقط عن حكي ما مرت به من أهوال، لكنها أبادت من قاموسها اليومي كل ما لع علاقة بذكرياتها المُعذبة. لم تنطق يومًا بمفردات مثل: النار، الحريق، القتل، الاغتصاب، البكاء، الارتعاش، السكين، والسيف. 
كأن إنكار مفردات الشر والألم سيحفظ البشرية من المعاناة، بل سيلغي كل أوجه المعاناة من الوجود

تكفيني إذن تلك الفقرات الثلاثة، لتشغلني وتطرح عليّ الكثيرمن الاسئلة عن علاقتي بالكلمات، وعن علاقة من حولي بها... عن بعض الكلمات، وعن الفارق بين نطق 
الكلمات وكتابتها أيضًا 

Friday 18 May 2018

حكايات أمينة - حكاية قديمة مع كتاب

 Image result for ‫حكايات أمينة‬‎عند ميريت لقيت حكايات أمينة، اخذت منها ثلاث
 نسخ. ولم أستطع البدء في أمينة إلا عند العودة إلى هنا. ولقيت أمينة بتروح معايا في كل مكان، الشغل، درس الباليه بتاع بنتي، أي مكان بيكون عندي فيه فرصة قراية، مكنتش قادرة اسيبها.
وده مش لأن الحدوته مثيرة والاحداث متشابكة والواحد عايز يعرف هيحصل إيه للابطال، ولكن للاستمتاع بالصحبة، متعة وجود شخصيات تنقلك إلى عالم آخر في وسط الزحمة: عالم خيالي، طفولي جميل مليان بحكمة زمن نتمنى أن يعود.
حسيت في كل لحظة، ومع كل حكاية أن أمينة بتتكلم معايا أنا كمان، فكرتني بستي وبطريقة أمي. تمنيت لو في كل بيت في مصر موجودة أمينة تعلم أحفادها ميغنوش لوحدهم، وتشجعهم وترقيهم لما يكتبوا الحواديت، تكلمهم عن حكمة الشعوب المختلفة، وتقولهم (على فكرة البوذيون هؤلاء قوم طيبن يؤمنون بالأديان جميعًا ويحترمونها)، وتكلمهم عن الموت بالعذوبة والروعة وهي بتقول ببساطة لحفيدها :
أموت؟ أما أنت عبيط صحيح.. هو أنت سمعت مزيكة؟
مزيكة ايه؟
هو أنت فاكر الموت بييجي على طول؟ أول ما ييجي وقتي تلاقي فرقة موسيقى كلها ملايكة دخلت الأوضة... واحد معاه كمنجة وواحد عود وناي وقيثارة ويبتدوا يعزفوا وبعدين يقولولي ياللا بقى معانا.. وراهم بتكون في طاقة نور فيها جدك وأبويا وأمي وكل أصحابي اللي سبقوني وكلهم واقفين مبسوطين وبيشاورا بايديهم ويقولولي تعالي .. وبعدين صوت المزيكة يعلا جدًا وتلاقي روحي سابت جسمي وطلعت لفت في كل حتة في البيت أودعها وأقول لها مع السلامة وبعدين آجي لكل واحد ابوسكم وأقول أوعوا تزعلوا ولا تعيطوا...
فكرتني بآخر بوسة أخذتها من أبويا
والحكايات بسيطة منها حكايات أمينة وحكايات عن أمينة وحكايات اتحكت لأمينة


وعن حكايات أمينة اتكتبت حاجات كتير
ومنها عند حسام فخر في البلوج بتاعه هنا وهنا