Thursday 13 September 2018

الجبال الثمانية - قصة صداقة


تتناول الرواية حياة أسرة بسيطة ارتحلت من موطنها الجبلي، في ظروف لن نعرفها إلا في نهاية الرواية، لتنتقل لتعيش في مدينة ميلانو، وكيف أثر ذلك على سلوكيات ومزاج الأبوين، حتى عثرا على ملاذ لهما من خلال قضاء العطلات الصيفية في قرية جبلية أخرى جديدة، تبعدهما أكثر عن موطنهما الأصلي، ولكنها تعيد الأب، بصفة خاصة، لهوايته الأولى المحببة، وهي تسلق الجبال. وهناك يتعرف الابن على الجبل، وعلى الصداقة أيضًا. في القرية يبدأ الابن علاقة صداقة فريدة من نوعها، مع صبي يعيش في القرية ولا يغادرها قط، يرعى الأبقار ويعيش في مكان هو أصغر من فيه، تحيط به الحطام من كل جهة، في قرية ليس لدى من يسكنها تطلعات لأي تغيير، ولا حتى للمستقبل. 


 يأخذنا كونيتّي معه فوق جبال عالية، نشعر فوقها معه بالدوار والخوف في لحظات كثيرة، والنشوى وشجون الذكريات وذلك من خلال الأحداث التي يعيشها أبطال الرواية. نتعلم أكثر منه عن الجبال، وعن كونها ليست فقط مكان القمم والجليد، الملاجئ الجبلية والوعول، ولكنها أيضًا أسلوب حياة: متى يترك المرء مسافة، متى يتراجع، متى يتقدم المسير ومتى يلتزم الصمت. ولا يكتفي كونيتّي بالألب، ولكنه يصحبنا معه أيضًا للتعرف على جبال الهيمالايا، وعلى حكمة شعبها. 


ففي هذه الرواية، البسيطة والعميقة في آن واحد، يقدم لنا كونيتّي تلك التفاصيل الصغيرة، تفاصيل صداقة امتدت لثلاثين عامًا بين من عاش في المدينة وتجول حول العالم ومن لم يتحرك من قريته الجبلية الصغيرة، ومعها تفاصيل حكايات أخرى، وصداقات أخرى. 


وُلد "باولو كونيتّي" في ميلانو عام 1978، بدأ أول تجربة للكتابة له وهو في سن الثامنة عشر، درس الرياضيات وكان يهوى تسلق الجبال وقام بعد التخرج من مدرسة السينما في ميلانو بالعمل على إخراج أفلام وثائقية اجتماعية وسياسية وأدبية. 

بدأ كروائي عام 2004 بمجموعة قصصية "كتيب الفتيات الناجحات" ثم عام 2007 مجموعة قصصية ثانية "شيء صغير على وشك الانفجار"، و"الفتى البري" عام 2013. وقام أيضًا بتأليف العديد من الأفلام الوثائقية منها سلسلة من تسعة أجزاء عن الأدب الأمريكي. وفاز بعدة جوائز أدبية عن أعماله. 

ألف "الجبال الثمانية" عام 2016، التي فازت بجائزة "ستريجا  2017، وهي من أهم الجوائز الأدبية الإيطالية، حصل عليها من قبل كل من: أومبرتو إيكو، دينو بوتزاتي، ناتاليا جينزبورج، مورافيا وبافيزي وغيرهم. ترجمت الرواية إلى أكثر من 30 لغة. 


Friday 7 September 2018

الإيطالي إيتالو كالفينو وأدب المقاومة: معنى "ما" للحياة

إنضم إيتالو كالفينو لأحزاب سياسية شيوعية بعد الحرب في محاولة لتحقيق حلم الديمقراطية الحقيقية في إيطاليا، ولكن أدرك أنه لا يجب وضع الأدب في المرتبة الثانية من السياسية حيث تفشل السياسة في معظم الأوقات في إنجاز أهدافها، في حين أن الأدب ينجح على الأقل في إنجاز شيء ما، فعاد مرة أخرى لوضع الكتابة في أولوية أهدافه.

ما كان يدفع المؤلّف الشاب وقتها على الكتابة لم تكن الرغبة في التوثيق، ولكنها كانت الرغبة في "التعبير"، "التعبير عن أنفسنا وعن المذاق المر للحياة، الذي شعرنا به آنذاك"، هذا ما كتبه إيتالو كالفينو في مقدّمته للطبعة الجديدة المنقّحة  (1964) لأول رواية له عن المقاومة "مدق أعشاش العنكبوت" والتي نُشرت عام 1947، أي بعد عامين من اشتراكه هو شخصياً في صفوف المقاومة لمدة عام، قبل الانتصار ونهاية الحرب
وعن خبرته تلك وعلاقتها بإبداعه الأدبي يقول:  في تلك الفترة أردنا التعبير عن المذاق المرّ للحياة. كنا نكتب عن شخصيات قابلناها، مناظر رأيناها، عن طلقات الرصاص والأوضاع السياسية، كانت تعلو في رواياتنا الأصوات العامية والسباب، الأغاني وأناشيد النضال، كنا نعرف وقتها أن جميعها تكّون ألوان اللوحة النهائية، كنا نُدرك أن الأهم في الموسيقى هو اللحن وليست النوت الموسيقية. كانت تلك هي نزعة "الواقعية الجديدة" بالنسبة لنا
ولد إيتالو كالفينو فى سانتياغو لاس فيغاس (كوبا) عام 1923، وقضى مرحلة شبابه في مدينة سان ريمو بشمال إيطاليا أثناء اشتراكه في حرب تحرير إيطاليا وعمليات المقاومة بها ضد الفاشية والنازية. كانت عائلة مثقّفة لم يكن لديها أية انتماءات سياسية. في نهاية 43 عندما كان عُمر إيتالو كالفينو حوالى 20 سنة، قرّر الاشتراك في المقاومة، فصعد إلى الجبل وانضمّ لإحدى الجماعات التي كانت تقاوم الاحتلال الألماني.

حصل كالفينو على شهادته الجامعية في الآداب من جامعة تورينو وعمل مع الكاتب الإيطالي الكبير شيرازي بافيزي في هيئة التحرير في دار نشر "إيناودي" بمدينة تورينو، ثم صار في ما بعد واحداً من كبار مستشاريها. وفي عام 1959 اشترك مع الكاتب الإيطالي إليو فيتوريني في إصدار إحدى الدوريات الإيطالية الهامة التي تناولت بالعرض والدراسة مشاكل الثقافة المعاصرة.
يُعدّ إيتالو كالفينو من أهم أدباء المقاومة الذين ظهروا في أعقاب الحرب العالمية، حيث بدأ بمجموعة قصصية "وأخيرًا يأتي الغراب"، ويقول عن خبرة كتابتها: ولسبب ما بدأت بقصص المناضلين من رجال المقاومة إذ إنها كانت تحقّق نتائج ناجحة حيث كانت مليئة بالمغامرات والحركة، وطلقات الرصاص، كانت قاسية ومرحة إلى حد ما، مثل روح هذا العصر، وتتميّز بروح "الإثارة" التي تشبه الملح في الرواية.
عن تلك المجموعة القصصية يرى النقّاد أنها كانت بمثابة سيرة ذاتية، والتي عندما أدرك هو ذلك، وأنها تكاد تكون عملية توثيق تعوق عملية الابداع الأدبي، شرع على الفور في كتابة روايته الأولى "مدق أعشاش العنكبوت" حيث بطل الرواية هو طفل "بن" ينضم للمقاومة رغم حداثة سنّه، طفل ينتمي لطبقة مهمّشة من المجتمع، ينضم لجماعة من المناضلين، يحكي كل منهم عن نفسه في أمسياتهم على الجبل.
عن تلك الفترة يقول في مقدّمته للطبعة الجديدة: إن الانفجار الأدبي لتلك الأعوام في إيطاليا، قبل أن يكون حدثاً فنياً، كان أمراً وجودياً وجماعياً. كنا قد عشنا الحرب، بالنسبة إلينا نحن الأصغر سناً - إشتركنا في المقاومة في الفترة الأخيرة - لم نشعر أن الحرب سحقتنا أو هزمتنا، ولكننا كنا منتصرين، تدفعنا دفعة الحماس التي اكتسبناها من المعركة التي انتهت لتوّها. لكنه لم يكن تفاؤلاً سهلاً، أو حماساً مجانياً، بل بالعكس، فقد وجدنا أنفسنا نواجه معنى "ما" للحياة، شيء يمكنه أن يبدأ من الصفر، قدرتنا على أن نعيش التمزّق والهزيمة، ولكن كانت النبرة التي استخدمناها هي نبرة فرح متعالٍ. أشياء كثيرة ولدت من هذا المناخ، وأيضاً شرارة قصصي الأولى وروايتي الأولى.
 إن الخروج من خبرة ما – حرب، أو حرب أهلية- لم تدخّر أحداً، أنشأت نوعاً من الاحتياج الفوري للتواصل بين الكاتب وجمهوره، الذي كان بدوره لديه قصصاً يرغب في قصّها، عاش كل واحد العديد من القصص ليحكيها، كان لكل منهم قصته الخاصة، عاشوا جميعهم حيوات غير عادية، درامية، مليئة بالمغامرة. قادت الحرية المولودة من جديد والقدرة على التحدّث الناس إلى جنون الحكي. فباتوا يحكون في القطارات التي عادت لتعمل، حاملة البشر وأجولة القمح وأوعية الزيت، كان كل مسافر يحكي للغرباء الأحداث التي مرّت به، وهكذا فعل كل من شارك في مأدبة جماعية شعبية، وفعلت كل امرأة في طابور حانوت ما، وكأن كآبة الحياة اليومية قد تحوّلت لحدث من عقود مضت، وكانوا يتحرّكون في كون من الألوان المتعدّدة من الحكايات.
من بدأ في الكتابة عندئذ وجد نفسه هكذا يتعامل مع المادة الخاصة بالراوي المجهول، للقصص التي عاشها شخصياً أو التي شهدها. كان يضيف تلك التي وصلت إليه أيضاً عن طريق الحكي، والنقل الشفاهي، من خلال إيقاع ما أو تعبير إيمائي. أثناء حرب المقاومة كانت القصص التي عاشها المرء للتوّ تتحوّل وتتشابك مع قصص تُحكى في الليل حول النيران، قصص تكتسب بالفعل أسلوباً ولغة، ويعتقد المرء أنها أصبحت قصته.
إنضم إيتالو كالفينو لأحزاب سياسية شيوعية بعد الحرب في محاولة لتحقيق حلم الديمقراطية الحقيقية في إيطاليا، ولكن أدرك أنه لا يجب وضع الأدب في المرتبة الثانية من السياسية حيث تفشل السياسة في معظم الأوقات في إنجاز أهدافها، في حين أن الأدب ينجح على الأقل في إنجاز شيء ما، فعاد مرة أخرى لوضع الكتابة في أولوية أهدافه.
ويقول في مقدمة روايته "أسلافنا" عن تلك الفترة
وهكذا حاولت أن أكتب روايات تتبع اتجاه الواقعية  الجديدة،  تحكي عن حياة الشعب في تلك الأعوام، ولكنها لم تحظ برضاي فتركتها كما هي بخط اليد في درج مكتبي. فإذا أخذت أحكي بنبرة مرحة، كان الأمر يبدو مصطنعاً؛ فالحقيقة كانت معقّدة جداً؛ وكان كل أسلوب أدبي استخدمته للتعبير عن هذا الواقع يبدو مصطنعاً. وإذا استخدمت نبرة أكثر جدّية وتأملاً كان كل شيء يتحوّل إلى اللون الرمادي، للحزن، وكنت أفقد أية بصمة تشير إليّ، أي الدليل الوحيد على أن من يكتب هو أنا وليس شخصاً آخر. لقد كان جرس الأشياء هو الذي تغيّر؛ فلقد تباعد زمن الحياة المنفلتة إبان فترة المقاومة وفترة ما بعد الحرب، ولم يعد المرء يصادف كل تلك الأنماط الغريبة التي كانت تحكي قصصاً استثنائية، أو ربما كنت ما زلت أصادفهم ولكنني لم أعد أتعرّف على نفسي من خلالهم ومن خلال قصصهم. واتخذُت الحقيقة مواقف مختلفة وطبيعية في مظهرها الخارجي، وأصبحت تلك الحقيقة حقيقة مؤسّسية، فلم يعد من السهل رؤية الطبقات الشعبية إلا من خلال المؤسّسات التي تمثّلها؛ وأصبحت أنا أيضاً منضمّاً إلى فئة لها وضعها القانوني، فئة المثقّفين في المدن الكبرى، بحللهم الرمادية وقمصانهم البيضاء. ولكني فكّرت: ما أسهل إلقاء اللوم على الظروف الخارجية، ربما لم أكن كاتباً حقيقياً، ربما كنت شخصاً كتب مثل كثيرين مأخوذاً بفترة التغييرات؛ ثم انطفأ بداخله هذا الحماس
كان كالفينو يرى، كما صرّح بذلك في مقدّمات رواياته أو في لقاءات صحفية مختلفة أن الإنسان المعاصر ممزق، منقسم، غير مكتمل، بل عدو لنفسه، بوصفه ماركس بأنه "مغترب" وفرويد بأنه "مقمع"، فإن حال التناغم القديمة قد ولّت، وبدأنا نتطلّع إلى نوع جديد من التكامل. وهكذا بدأ يسعى للوصول إلى هذا النوع من التكامل في رواياته،
وكأنه يرغب في أن يُعيد للإنسان، من خلالها، تلك الحال التي يسعى إليها

أماني فوزي حبشي

Friday 6 July 2018

ما هي الحياة الحقيقية


أنت تجلس في مسرح، تتذكر فجأة أنك نسيت أن تغلق سيارتك، يبدأ القلق في السيطرة عليك، ولا تستمتع بالحفل الذي أتيت لأجله، هذه هي صورة الحياة التي نحياها. 

فالحياة هي ما يحدث أمامنا، ولا نراه، لأن ذهننا مشغول بأشياء أخرى. 
فنحن نعيش وذهننا مشغول طوال الوقت بنتائج ما فعلناه، وماذا سيحدث إذا، رد فعل الآخرين، تفكيرهم فينا، ما نبدو عليه وما نرغب في أن نكونه، ما حدث في الماضي وما سيحدث في المستقبل، ولا نستمتع باللحظة الحاضرة. 
الحياة وليمة ولكن أغلبنا يعيش حياته جائعًا... 
Life is something that happen to us while we are busy with something else. 
فنحن مشغولون طوال الوقت: بأن نعجب شخص ما، بأن نبدو على أحسن حال، بالنجاح، بنجاح أولادنا وتفوقهم، بالفوز.... إلخ والحياة تعبر 
مثل المتسولون الذين يعثرون على ثروات في أكواخهم بعد موتهم، وعاشوا حياتهم يتسولون. 
فلنستيقظ من نومنا إذن، من تأثير المخدرات علينا... 
أنت مُخدر/نائم إذا كانت تحكمك الاضطرابات والقلق طوال الوقت. 
فهمنا للأشياء يتحكم في حياتنا والوعي والرغبة في الرؤية يغير من طبيعة ما نعيشه. 
على سبيل المثال هناك ذلك الوهم الأعظم الذي نعاني منه جميعًا، ذلك المخدر الذي تربينا عليه جميعًا، والمخدر الذي تربينا عليه هو: القبول، الشعبية، رضا الآخرين.. بمجرد أن نعيش على هذا المخدر... يؤثر علينا بسهولة ويتحكم في مشاعرنا وتصرفاتنا. فنحن نخشى أن نخطىء أن يضحك أحدهم على تصرفاتنا، فإذا انتقد أحد تصرفاتنا/أعمالنا، ننهار، فنحن لا نستطيع أن نتحمل هذا، لأننا نبحث عن رضا من حولنا، عن اعجابهم. فالنتيجة التي تصل إليها في النهاية هي أنك تفقد قدرتك على الحب، فالناس بالنسبة إليك هم مصدر ذلك المخدر، فالسياسي يرى البشر كأرقام تصويت، وهكذا أنت أيضًا ترى الناس (في عصرنا الحالي) كمشجعين، مصدر تقييم، مصدر للايك وعدد المتابعين. 
الحرية هي أن تعيش بلا مخدر، بأن تتغذى على الطعام الجيد، تستمتع بجمال الطبيعة، ترفع نظرك عن نفسك وعمن حولك، 
الحرية هي أن تحب، دون أن تنتظر المقابل 


من محاضرة أنتوني دي ميللو (الراجل الباشا/البرنس). لينك المحاضرة .


Sunday 20 May 2018

عن أخيلة الظل والقراءة البطيئة

بعض الروايات نبدأها وننتهي من قرائتها بسرعة، بل وأحيانًا نحاول نحن أن نسرع من القراءة حيث تأسرنا الأحداث والرغبة في معرفة ماذا سيحدث بعد ذلك للشخصيات،  وكيف سينتهي هذا الأمر أو الآخر ... تلك الإثارة في الكتابة والتي تحملنا معها في متعة خاصة
البعض الآخر يستلزم نوعًا من القراءة الهادئة، اسميها التأملية، فأنا لا أقرأ مغامرة ولا
 قصة أحداثها سريعة ولكن عمق ما، دعوة للتوقف أمام  "تطور" مشاعر الشخصيات، تأمل في كل حركة وفعل، بل وفكرة، تأمل في الأحداث الحالية، والأحداث الماضية، ومحاولة البحث في تلك الوقفات عن المعنى، معنى لتواجدهم على تلك الصفحات، ومعنى تواجد أشياء كثيرة حولهم وحولنا في الحياة 

 ورواية   أخيلة الظل لمنصورة عز الدين من تلك النوعية الثانية.  بدأت القراءة منذ أسابيع، ولازلت أستمتع بها، أستمتع بتلك التأملات التي تأتيني في ظلال تلك الشخصيات في أخيلتها بالفعل، والبطء في القراءة هنا، في حالتي، من أكثر عوامل الاستمتاع بالرواية، حيث أجد نفسي أتوقف أمام بعض فقرات الكتاب لأفهم  ما يرغب المؤلف في نقله، أفهم أشياء عن الشخصيات بل وأفهم أيضًا أشياءً عن نفسي، 
ومن الفقرات التي توقفت عندها اليوم هي تلك التي تتحدث عن الكلمات 

 كان قد قرأ يومًا عن "البابو" وهي قبائل لغتنها فقيرة ومعجمها اللغوي محدود ويتناقص باستمرار، لأنهم يحذفون كلمات من لغتهم كلما مات أحدهمّ لم تشبع المعلومة العابرة فضوله: هل تٌحذف الكلمات اعتباطًا؟ أم يميتون قصدًا كلمات معينة مرتبطة في ذاكرتهم بالفقيد؟ 
 أسرته الفكرة لفترة: لغة تنكمش حتى تغرق في الصمت والسكون، ويستعيض متحدثوها عنها بالإشارات. لغة تتلاشى، لا ريب، بما أنها محدودة، وبما أن الموت حدث حتمي. ذكره هذا بجدته بشكل ما، بدت له كأنما كانت تنتمي إلى هذه القبائل وتحذو حذو أفرادها. 
مؤكد أنها لم تعرف شيئًا عنهم، ومع هذا سارت على نهجهم، دون وعي منها. ابتلعت كلمات كثيرة، وتركتها تغرف في جوفها، لم تنطق بها لا بلغتها الأم، ولا بلغة زوجها الأصلية أو لغة مهجرهما. لم تصمت فقط عن حكي ما مرت به من أهوال، لكنها أبادت من قاموسها اليومي كل ما لع علاقة بذكرياتها المُعذبة. لم تنطق يومًا بمفردات مثل: النار، الحريق، القتل، الاغتصاب، البكاء، الارتعاش، السكين، والسيف. 
كأن إنكار مفردات الشر والألم سيحفظ البشرية من المعاناة، بل سيلغي كل أوجه المعاناة من الوجود

تكفيني إذن تلك الفقرات الثلاثة، لتشغلني وتطرح عليّ الكثيرمن الاسئلة عن علاقتي بالكلمات، وعن علاقة من حولي بها... عن بعض الكلمات، وعن الفارق بين نطق 
الكلمات وكتابتها أيضًا 

Friday 18 May 2018

حكايات أمينة - حكاية قديمة مع كتاب

 Image result for ‫حكايات أمينة‬‎عند ميريت لقيت حكايات أمينة، اخذت منها ثلاث
 نسخ. ولم أستطع البدء في أمينة إلا عند العودة إلى هنا. ولقيت أمينة بتروح معايا في كل مكان، الشغل، درس الباليه بتاع بنتي، أي مكان بيكون عندي فيه فرصة قراية، مكنتش قادرة اسيبها.
وده مش لأن الحدوته مثيرة والاحداث متشابكة والواحد عايز يعرف هيحصل إيه للابطال، ولكن للاستمتاع بالصحبة، متعة وجود شخصيات تنقلك إلى عالم آخر في وسط الزحمة: عالم خيالي، طفولي جميل مليان بحكمة زمن نتمنى أن يعود.
حسيت في كل لحظة، ومع كل حكاية أن أمينة بتتكلم معايا أنا كمان، فكرتني بستي وبطريقة أمي. تمنيت لو في كل بيت في مصر موجودة أمينة تعلم أحفادها ميغنوش لوحدهم، وتشجعهم وترقيهم لما يكتبوا الحواديت، تكلمهم عن حكمة الشعوب المختلفة، وتقولهم (على فكرة البوذيون هؤلاء قوم طيبن يؤمنون بالأديان جميعًا ويحترمونها)، وتكلمهم عن الموت بالعذوبة والروعة وهي بتقول ببساطة لحفيدها :
أموت؟ أما أنت عبيط صحيح.. هو أنت سمعت مزيكة؟
مزيكة ايه؟
هو أنت فاكر الموت بييجي على طول؟ أول ما ييجي وقتي تلاقي فرقة موسيقى كلها ملايكة دخلت الأوضة... واحد معاه كمنجة وواحد عود وناي وقيثارة ويبتدوا يعزفوا وبعدين يقولولي ياللا بقى معانا.. وراهم بتكون في طاقة نور فيها جدك وأبويا وأمي وكل أصحابي اللي سبقوني وكلهم واقفين مبسوطين وبيشاورا بايديهم ويقولولي تعالي .. وبعدين صوت المزيكة يعلا جدًا وتلاقي روحي سابت جسمي وطلعت لفت في كل حتة في البيت أودعها وأقول لها مع السلامة وبعدين آجي لكل واحد ابوسكم وأقول أوعوا تزعلوا ولا تعيطوا...
فكرتني بآخر بوسة أخذتها من أبويا
والحكايات بسيطة منها حكايات أمينة وحكايات عن أمينة وحكايات اتحكت لأمينة


وعن حكايات أمينة اتكتبت حاجات كتير
ومنها عند حسام فخر في البلوج بتاعه هنا وهنا

Monday 19 February 2018

رحيل المفكر والفيلسوف والروائي الإيطالي أومبرتو إيكو عن عمر يناهز 5000 عام - إعادة نشر في ذكرى وفاته اليوم 19 فبراير

كتبته: أماني فوزي حبشي  

من لا يقرأ، عندما يصبح عمره 70 عامًا سيكون قد عاش حياة واحدة فقط: حياته هو. ولكن من يقرأ سيكون قد عاش 5000 عامًا: سيكون قد عاش عندما قتل قايين هابيل، وعندما تزوج رينزو من لوتشيا، وعندما كان ليبوباردي يبدي اعجابه باللانهائية... فالقراءة هي الأبدية. (إومبرتو إيكو)

عندما قرأت هذه العبارة للمفكر والروائي الكبير أومبرتو إيكو تذكرت التحديات التي كانت قد وضعت أمامي أثناء ترجمتي لروايته "بندول فوكو" والتي أصدرها المركز القومي للترجمة التابع لوزارة الثقافة عام 2011. يعرف المقربون مني أن الرواية استغرقت وقتًأ طويلاً في الترجمة، وكنت قد شرحت أن هذا كان بسبب صعوبة ما جاء فيها من تحديات تمثلت وقتها في المصطلحات واللغة المركبة، وما جاء فيها من أفكار ومعطيات أيضًا.
أتذكر جيدًأ عندما كنت أذكر لأصدقائي الإيطاليين بأنني أعمل على ترجمة رواية بندول فوكو كانوا يضحكون ويتمنون لي حظًا وافرًا، فالرواية ضخمة، بلغ عدد صفحات الترجمة إلى اللغة العربية 710 صفحة، ويقولون لي إننا نستحدم مجلد الرواية كمثبت للأبواب، وللموائد أحيانًا. والجدير بالذكر أنه على الرغم من احتفاء العالم برواية اسم الورد، فإن رواية بندول فوكو، على الرغم مما فيها من إثارة وغموض لم تنل الحظ نفسه، لكثرة ما جاء فيها من معلومات وإحالات وتفاصيل.فقد وجدت نفسي أتوقف تقريبًا عند كل فقرة من الكتاب لأبدأ في قراءة شيء آخر، كتاب آخر، مقال، موسوعة، أو بحث على شبكة الإنترنت، لأستطيع أن أفهم بصورة أفضل ما يرغب أن ينقله بعباراته تلك. بل وقد احتجت أن أذهب لزيارة متحف الفنون والحرف في باريس والتوقف بنفسي أمام البندول وأن أدون ملاحظات حول معمار المتحف من الداخل وطريقة وضع المعروضات لأتمكن من ترجمة بعض أجزاء الرواية.ولكن لم يكن أومبرتو إيكو فقط ذلك الروائي والفيلسوف فقد كان مفكرًا مستنيرًا قادرًا على التوقف أمام اللحظات الحاسمة للأحداث الجارية وتحليلها ونقدها نقدًا عميقًا وطرح خططًا أيضًا لحلول مستقبلية، فأنا أتذكر جيدًا  رده على مقال الغضب والكبرياء لأوريانا فالاتشي والذي كان قد أثار ردود فعل متفاوتة في اوساط المثقفين. أكثر ما لفت نظري هو خوفه من انتشار الأفكار السلبية، جاهزة الإعداد، وتقوية النزعة القومية التي يمكن أن تؤدي إلى التعصب، في أوساط الشباب، وتأثير ذلك في قدرتهم على التحليل والتفكير المتعمق في الظواهر التي تحدث أمامهم، وبالتالي التمكن من التعامل معها بحكمة لتجنب سقوط أبراج أخرى في المستقبل.قال أومبرتو إيكو في مقاله الذي كتبه في الخامس من أكتوبر عام 2001 ردًا على أوريانًا فالاتشي والذي حمل عنوان "الحروب المقدسة بين الإنفعال والعقل": "ولكن الشيء الثانوي، والذي يجب أن يثير قلق الكثيرون من الساسة، والزعماء الدينيين، والمعلمين، أن هناك بعض العبارات، أو ربما مقالات كاملة، شيقة اكتسبت بطريقة أو بأخرى شرعية معينة، أصبحت موضوع نقاش عام، وأصبحت تشغل ذهن الشباب، وربما تقودهم إلى استنتاجات انفعالية تمليها عليهم المشاعر اللحظية. وهنا أشعر بالقلق الشديد على الشباب بصفة خاصة إذ أن أفكار كبار السن غير قابلة للتغيير."وتابع بعد ذلك في مقاله فحص وتحليل ونقد الأفكار السائدة في محاولة منه للتشجيع على هذا النوع من التحليل والتفكير في المدارس بصفة خاصة، بل وطرح التاريخ القديم وما حدث فيه سواء من سلبيات أم ايجابيات جانبًا في سبيل فحص أعمق لمشكلات الحاضر وذلك للتمكن من التعامل مع معطياتها بالعقل وبعيدًا عن الإنفعالات والنزعات القومية. ألف أومبرتو إيكو سبع روايات، اشهرها رواية اسم الوردة 1980والتي تحولت إلى فيلم سينمائي وقام ببطولته الممثل الشهير شون كونري، تلتها رواية بندول فوكو 1988، السابق ذكرها، ثم رواية جزيرة اليوم السابق 1994، وباودولينو 2000، وشعلة الملكة لوانا الغامضة 2004، والتي كان قد أعلنها آخر رواياته. إلا أنه تلاها بعد ذلك بروايتين أخيرتين هما مقبرة براج سنة 2010، وعدد صفر سنة 2015.والجدير بالذكر أنه على الرغم من أن موضوعات رواياته متنوعة فإن بطلها في كل الأحوال هو الكتاب أو المكتوب، فنحن في اسم الوردة أمام جرائم تحدث في أحد أديرة العصور الوسطى وبطل الرواية تقريبًا المكتبة والمخطوطات، والحال نفسه في بندول فوكو، فنحن أمام مجموعة من الناشرين، والأحداث تدور في دار نشر حول بطل مركزي هووسيلة الكتابة الحديثة (الحاسوب)، وهي أوراق الشاب الباحث عن جزيرته في جزيرة اليوم السابق، والرسالة الأسطورية للراهب في باودولينو، ويامبو بائع الكتب القديمة في شعلة لوانا الغامضة، وبروتوكولات حكماء صهيون بطلًا لمقبرة براغ، لينتهي بنا الحال في دهاليز الصحافة واستغلال السياسة للكلمة مع عدد صفر.عام 1971 أصبح إيكو أول أستاذ للسيميوطيقا في جامعة بولونيا. وعن عمله هذا يقول إيكو في حوار مع جريدة الجارديان: إن العالم ليس إلا شبكة من العلامات تصرخ مطالبة بتأويلها. ويشرح قائلاً: لابد لنا ألا نتجاهل التجليات الهامشية للثقافة، ففي القرن التاسع عشر كان تيليمان يُعد مؤلفًا موسيقيًا أعظم من باخ بكثير، وفي خلال 200 عام ربما يتم اعتبار دعاية كوكا كولا أهم من بيكاسو. ولذلك ففي محاضراته يتم تحليل روايات جيمس بوند، ومجلات الكوميكس، وصور مارلين مونرو بالحماس نفسه.في العام الماضي أثارت إجابة أومبرتو إيكو في إحدى الندوات الصحفية والتي كان فيها يتحدث عن ضرورة أن تتخذ الصحافة موقفًا من وسائل الاتصال الاجتماعي بأن تخصص على الأقل صفحتين يوميًا لفحص ما يُنشر على صفحات الإنترنت وذلك لمساعدة القراء غير المتخصصين في معرفة الصالح والطالح. وقد طرح عدة اقتراحات على المعلمين في المدارس منها أن يمنح للطلاب أبحاثًا للمقارنة بين أكثر من موقع، حيث يرى أن أي متخصص في مجاله يمكنه بكل سهولة تمييز المعلومات المقدمة، ولذلك علينا مساعدة غير المتخصصين في القيام بعملية "فلترة". وفي نقده لتويتر قال إمبرتو إيكو إن المشكلة أصبحت في أن ما كان يقوله المرء بعد تناول بعض كاسات من النبيذ في إحدى البارات بين عدد محدود من الأصدقاء أصبح يقوله على وسائل الإتصال الاجتماعي مما يتسبب أحيانًا في مشكلات عديدة، بالإضافة إلي أنه يصل إلى عدد أكبر من المستمعين، بل وأن الإنترنت قد منح "الحمقى" أيضًا مساحة يعرضون فيها أرائهم على قدم المساواة مع الحاصلين على جوائز النوبل.وهذا التصريح الأخير تسبب في عاصفة من الهجوم على أومبرتو إيكو حيث أنه في نظر الكثيرين يُطالب بالرقابة على مساحات الحرية الممنوحة للتعبير عن الرأي، ولأنه أيضًا يريد أن تقتصر وسائل التعبير على النخبة والمثقفين. سواء اختلفت معه أو اتفقت، سواء قرأت واستمتعت أم شعرت بالإرهاق الشديد لدسامة ما تقرأه وتجتهد في فهمه،  يبقى واقع أن أومبرتو إيكو في كتابته الروائية يصطحب قارئه معه في مغامرة ثقافية ممتعة من المعرفة والدهشة والاكتشافات التاريخية، والحس الفكاهي في لحظات كثيرة، والذي يضفي على كل ما يكتبه نكهة خاصة. لكنك في نهاية الأمر تشعر أنك أمام مؤلف جاد يحترم قارئه ويحاول أن يبحث ويجتهد هو نفسه، كأستاذ مخلص، ليحصل قارئه على أكبر قدر من الاستفادة مع المتعة. 


مقالة نُشرت في جريدة القاهرة، 20 فبراير 2016

Tuesday 30 January 2018

تلك المصادفات المتكررة

 لا أعلم ماذا يحدث لي هذا الأسبوع بالتحديد، ولكن أشياء تتكرر وصدف غير عادية تصر على أن تقف في طريقي هذه الأيام، أغربها الأمس وأوله.
أول أمس، أحلم بأن ناشر سينشر ترجمة  لي، وسيقوم بتعديلات تضايقني وسأفاجىء بها، لأجد  في اليوم التالي رسالة من الناشر بها ما يفيد ما حلمت به، بل ولا أستطيع حتى أن أعرف بالتحديد ما قاموا به من تغيير حيث لا وقت أمامهم لأخذ رأي في التعديلات، التي أكدوا لي أنها لن تمس بالترجمة :(
أقنع نفسي بأنني توقعت هذا، سواء لمعرفتي بسياستهم أم لطبيعة النص، نظرًا 

لاقتراب التاريخ المتوقع للنشر، لا بأس، وأدعو نفسي لئلا أبالغ في تخيلاتي

مساء أمس أتذكر فجأة فيلمًا كنت أحاول العثور عليه منذ فترة عن شخص يسمع رواية تحكي عنه وعن محاولته المستميتة للعثور على المؤلفة التي تكتب عنه ويسمعها جيدًا، ليمنعها من أن تقتله (حسب ما فهم من الرواية) ويعثر عليها بالفعل :) وتتوالى أحداث الفيلم بين معاناة بطل الرواية ومعاناة المؤلفة التي تعاني من صعوبة العثور على طريقة لقتل بطل روايتها، حيث انها معروفة بأنها تقتل ابطالها. لأبدأ اليوم مصادفة في قراءة حمام الدار للسنعوسي وأجده يحكي عن مؤلف يعاني من صعوبة في انهاء روايته الجديدة وطريقة للوصول لموت البطل
ابتسم، لا أعرف بالتحديد هل تأثر السنعوسي بالفيلم الأجنبي واستطاع من معاناة المؤلفة الوصول لفكرة روايته، أم أنها مجرد فكرته هو، وهو لا يعرف شيء عن الفيلم الذي شاهدته أنا مصادفة بالأمس
ابتسم لأنني أحببت جدًا معاناة المؤلفة التي تكتشف فجأة أن شخصياتها موجودة في الحياة، تعيش وتتنفس، ولكن ما تكتبه، اختياراتها  للعبارات والكلمات، بل والمواقف، هي التي تمنح لتلك الحياة شاعرية ومعنى، بل وتساعده لغة المؤلفة أيضًا، وما يسمعه منها على أن يكتشف ما في نفسه من مشاعر ربما لم يكن ليستطيع هو أن يصيغها بتلك الطريقة الرائعة، الأمر الذي  يدفع  البطل نفسه عند قراءة الرواية أن  يختار النهاية التي حسمتها هي له، بل ويشكرها على بعض الفقرات 

إنه فعل الكتابة، إنه فعل الخلق الآخر الذي يمنح معنى مختلف للأشياء العادية بل والمعتادة، إنها تلك القدرة على وضع الحياة اليومية في موقع آخر، تلك القدرة التي تدفعنا على الاستمتاع بما نراه حولنا، فننظر إليه بعين وخيال يمنحانه بعدًا آخر جميل 
إنها قوة الكلمات والقدرة على صياغة العبارات
إنها الحياة التي نمنحها، بتأملنا فيما حولنا من أشياء، ومحاولتنا منحها صفات، بُعدًا آخر يساعدنا على الاستمرارية، بل والاستمتاع بالأشياء الصغيرة التي تحيط بنا  

  


 

Wednesday 24 January 2018

في ليلة من الليالي حلُمت أنك تتكلم

إن الشخص المصاب بالتوحد هو شخص لا يمنح أي اهتمام إلى كل هذا. إن كل ما يمكنه تقديمه لأهله هو مجرد نظرة  حالمة، لا تحمل الكثير،  حيث لا أحد يعلم فيما يفكر. ولكن يحدث أحيانًا أنه في كومة هؤلاء "الغرباء"، يختار المتوحد شخصًا واحدًا؛ ويلقى عليه بحبل غير مرئي ليصطاد ذلك المحظوظ. لا أحد يعلم شيئًا عن أسس هذا الاختيار، ولا حتى إلى متى يستمر هذا الارتباط. ربما مدى الحياة وربما لفصلٍ واحدٍ من فصول السنة.  وأنا أعرف أنني قد تم اختياري، و أنني لن أستطيع أن أتراجع. 


إن الأدبيات المتعلقة بحالات التوحد كثيرة جدًا، ولكن، وعلى الرغم من أن لدي ابن متوحد في المنزل، فإنني لن أستطيع القول بأن الأمر يتعلق بمجرد نوع من أنواع الإعاقات. أحيانًا أعتقد أن المتوحدين هم أشخاص قد ولدوا أيتامًا، بغض النظر عن وجود من جاء بهم إلى الحياة من عدمه. إن الشخص المتوحد هو شخص يعيش غربة أبدية، ليصبح مسجونًا بين أشخاص غريبة عنه، لا يمكنهم التعرف عليه، وليس لديه أي أمل في أن يفهمه أحد فهمًا حقيقيًا. لذلك فإن مشكلتنا معهم هي الاهتمام، حيث إننا نجتهد في أن نقودهم إلى وضع صحي  في رأينا، بينما هم في الحقيقة يمكن أن يكونوا غير مصابين بأي مرض، ربما يكونون فقط غير مهتمين بمشاركة أفكارهم معنا. 



 فقرة من الفصل الأول لكتاب عن التوحد

في ليلة من الليالي حلُمت أنك تتكلم (هكذا تعلمت كيف أكون أبًا لابني المصاب بالتوحد)
مؤلف الكتاب: جان لوكا نيكوليتي