Wednesday 3 May 2017

بلا دماء - أليساندرو باريكو



سمعت نينا مرة أخرى ذلك الصوت: إنه الإنذار الأخير يا روكا.
انطلقت طلقات متتابعة وأطاحت بالمنزل من الأمام والخلف كأنها البندول، وبدا أنها لن تنتهي أبدًا، من الأمام ومن الخلف كأنها أضواء فنار على صخر بحر أسود، صبور.
أغمضت نينا عينيها والتصقت بالغطاء، وانكمشت أكثر جاذبةً ركبتيها تجاه صدرها. كانت تحب البقاء في هذا الوضع؛ كانت تشعر ببرودة الأرض أسفل جنبها كأنها تحميها، كانت تشعر بأنها لن تتخلى عنها، وشعرت بجسدها المضموم والملفوف حول نفسه كالقوقعة، وكانت تحب هذا الوضع، كأن جسدها الصَّدَفة والحيوان في آنٍ واحد يحمي نفسه، كان هذا بالنسبة إليها كل شيء، لا شيء يمكنه أن يؤذيها ما دامت في ذلك الوضع. فتحت عينيها من جديد، وقالت لنفسها: لا تتحركي، أنتِ سعيدة هكذا.
رأى مانويل روكا ابنه وهو يتوارى خلف الباب، ثم رفع نفسه بقدر ما يكفي ليلقي نظرة خارج النافذة. ثم فكّر: حسنًا. نظر إلى نافذة أخرى، نهض وصوب بندقيته بسرعة وأطلق النار.
أخذ الرجل ذو الحلّة البيضاء يسب ويلعن وألقى بنفسه أرضًا قائلًا: انظر ماذا يفعل هذا السافل! وأخذ يهز رأسه، انظر ماذا يفعل هذا الفاسق. واستمع إلى صوت طلقتين تأتيان من تجاه المزرعة، ثم سمع صوت مانويل روكا.
- لتذهب إلى الجحيم يا ساليناس.
بصق الرجل ذو الحلة البيضاء على الأرض، وقال له لتذهب أنت إلى الجحيم أيها المجرم، وألقى بنظره على يمناه ورأى إل جوري متجهمًا وهو منبطح خلف كتلة من الخشب. أشار إليه ليطلق النار. استمر إل جوري في تجهمه، كان يمسك المدفع الرشاش الصغير في يمناه، وبيسراه كان يبحث عن سيجارة في جيبه، لم تكن تبدو عليه العجلة. كان قصيرًا ونحيفًا، كان يضع فوق رأسه قبعة قذرة، وفي قدميه زوج أحذية ضخمة كمتسلقي الجبال، نظر إلى ساليناس، عثر على السيجارة، وضعها بين شفتيه، كان الجميع يطلقون عليه اسم إل جوري. نهض وأخذ يطلق النيران.

شعرت نينا بالطلقات وهي تخترق المنزل من فوقها، ثم الصمت، وانطلقت بعد ذلك طلقات أخرى متتابعة لمدة أطول. فتحت عينيها، أخذت تنظر إلى الفتحات الضيقة فوقها، أخذت تنظر إلى الضوء والتراب الذي يتساقط من بينها، ومن حين لآخر كانت ترى ظلًّا يتحرك، كان ذلك ظلّ أبيها.

ترجمة: أماني فوزي حبشي 
نشرتها دار ميريت 2004 

No comments:

Post a Comment