Wednesday 3 May 2017

بلا دماء - أليساندرو باريكو

ترجمت هذه الرواية ونشرتها دار ميريت عام 2004

وهذا جزء من المقدمة، ومقطع من الرواية 

عندما صدرت هذه الرواية كان العالم قد بدأ مرحلة جديدة، كان كل ما حولنا يضج بويلات الحرب، وتُغرقه شلالات الدماء. حاولت أن أشرع في الترجمة، ولكن حالت دون ذلك ظروف كثيرة، ومنها بشاعة الجزء الأول من الرواية، ولكن العام مرّ ولم يتغير شيء فلا يزال القتلى يتساقطون في كل مكان، بل أصبح مشهد القتل معتادًا حتى بالنسبة إلى الأطفال الصغار الذين يُصدَمون به كل يوم على شاشات التليفزيون.
لم يعد المرء يستطيع فهم أي شيء مما يحدث حوله، أصبح القتل سهلًا، وكما يقول المؤلف عن بطلته: "وحاولتْ أن تتساءل من أين يأتي ذلك الإيمان العبثي بضرورة تلك الحرب البشعة، واكتشفت أنه ليست لديها إجابات".
أصبح إهدار الحياة سهلًا كأنه إغلاق منزل ما أو نافذة، الجميع يقتلون كأن أهدافهم أشجار أو ألواح خشبية.

الرواية 

حرّك مانويل روكا السلال المليئة بالفاكهة وانحنى ثم رفع غطاءً سريًّا لأحد المخازن ونظر بالداخل، كان مكان أكبر بقليل من ثقب كبير محفور في الأرض، كأنه جحر حيوان.
- استمعي إليّ يا نينا، الآن سيصل بعض الأشخاص ولا أريدهم أن يروكِ، لا بد أن تختبئي هنا في الداخل، من الأفضل أن تختبئي هنا وأن تنتظري حتى يذهبوا بعيدًا، هل فهمتِ ما أقوله؟
- نعم.
- يجب عليكِ فقط البقاء صامتة هنا.
- ...
- مهما حدث لا تخرجي. يجب ألا تتحركي، يجب فقط أن تلزمي الهدوء وأن تنتظري.
- ...
- كل شيء سيكون على ما يرام.
- نعم.
- استمعي إليّ. يمكن أن أضطر إلى الذهاب مع أولئك الأشخاص. لا تخرجي إلا عندما يأتي أخوكِ ليأخذكِ. هل فهمتِ؟ أو حتى تشعري أنه لا وجود لأحد وأن كل شيء قد انتهى.
- نعم.
- يجب أن تنتظري ألا يكون هناك أيّ شخص.
- ...
- لا تخافي يا نينا، لن يحدث لكِ أي شيء. حسنًا؟
- نعم.
- أعطيني قُبلة.
قبّلت الطفلة أباها على جبهته، الذي بدوره ربّت بيده على شعرها.
- كل شيء سيكون على ما يرام يا نينا.
ثم مكث هناك، كأن عليه أن يفعل شيئًا آخر، أو أن يقول شيئًا آخر.
قال: لم يكن هذا ما أردت. تذكري دائمًا أنني لم أكن أريد هذا.
بحثت الطفلة ببراءة بداخل عين أبيها عن شيء يساعدها على أن تفهم، لم ترَ شيئًا. انحنى أبوها وقبّلها.
- هيا اذهبي يا نينا. هيا انزلي هنا.
تركت الابنة نفسها لتسقط في الحفرة. كانت الأرض قاسية وجافة، واستلقت هناك.
- انتظري، خذي هذا.
أعطاها أبوها غطاءً، بسطته على الأرض، ثم عادت لتستلقي.
سمعت أباها يقول شيئًا ثم رأت غطاء المخزن وهو ينخفض.
أغلقت عينيها ثم فتحتهما، ومن بين ألواح الأرضية كانت تدخل لها شرائط من الضوء. سمعت أباها وهو لا يزال يتحدث معها، ثم سمعت صوت السلال وهى تُجَرّ مرة أخرى على الأرض.

ازداد الظلام هناك في الأسفل، سألها والدها عن شيء وأجابت. كانت مستلقية على أحد جانبيها، منكمشة حول نفسها كأنها في الفراش حيث لم يكن لديها شيء آخر لتفعله سوى أن تنام وتحلم. سمعت والدها يقول لها شيئًا آخر برقّة وهو ينحني أرضًا، ثم سمعت صوت طلقة مسدس، وصوت النافذة تتهشم. 

No comments:

Post a Comment