للكتب حكايات

Wednesday, 3 June 2020

أماني فوزي حبشي.. عن الترجمة والكورونا


أجرى الحوار الأستاذ مصطفى الديب لموقع ألترا ساوند 
ارتبطت العزلة تاريخيًا بالعملية الإبداعية، على اختلاف تصنيفاتها ومسمّياتها، إذ بدت شرطًا لها، وطقسًا من طقوسها الضرورية. ولكنّها خلال الشهور القليلة الماضية، ومنذ نهاية كانون الأوّل/ديسمبر 2019، تحوّلت من شرطٍ للإبداع إلى آخر للنجاة، بعد ظهور فيروس "كورونا" الذي حوّل العزلة من فردية اختيارية كانت مرتبطة بالكتّاب والشّعراء والمُترجمين، إلى أخرى جماعية إجبارية يقصدها كلّ من يودّ النجاة. 
التحوّلات الطارئة في معنى العزلة وشكلها والهدف منها، تدفعنا للتساؤل عن الشكل الذي اتّخذتهُ عُزلة المُبدعين، وعن المُتغيّرات التي طرأت عليها بعد ظهور الوباء المُستجد، وبعد أن بات اعتزال الآخرين شأنًا جماعيًا بعد أن كان رغبة فردية. نُضيف إلى هذه الأسئلة سؤالًا آخر عن تأثير الفيروس على أحوالهم ككتّاب وشعراء ومفكّرين ومُترجمين. بالإضافة إلى: ما الذي أجّلته كورونا؟ وما الذي أعادته إلى المتن مُجدّدًا؟ وهل غيّرت نظرتهم إلى الحياة؟
 طرحنا هذه الأسئلة على مترجمتين عربيتين، فكانت الإجابات الآتية: 
أماني فوزي حبشي: إننا سريعو العطب
تحتاج الترجمة، بالنسبة لي إلى العزلة، ولكنني أحتاج دائمًا إلى التفاعل المباشر مع الأشخاص، وكنت أستمتع بنوع من التوازن بين العزلة واللقاءات. العزلة الجماعية بالنسبة لي محتملة لأنني أعيش مع عائلتي. المشكلة في هذه العزلة الجماعية أنها عزلة يشوبها الترقب والقلق والخوف بل والألم أيضًا. فأحيانًا يختار المرء أن يعتزل ليراجع حياته، وهو ما أسميه عزلة سلمية، ولكن ما نعيشه الآن هو عزل جماعي إجباري وتوتر عالمي. فنحن لسنا في عزلة بل نقضي أغلبية اليوم في متابعة ما يحدث حولنا، البحث عن مخرج ما من مخاوف فُرضت علينا، نحاول السؤال على أحبائنا وبالتالي تغير قدر ما من الهدوء النفسي الذي أحتاجه عادة للتركيز فيما أفعله، وتضاعف التواصل الاجتماعي رغبة في الاطمئنان على الآخرين أو الرد عليهم لطمأنتهم علينا. فأصبح التركيز أقل وليس أكثر بالتأكيد.
حاليًا لدي بالفعل ترجمتان أحاول الانتهاء منهما، وممتنة لهذا كثيرًا، لأنه على الرغم من كل الظروف، وتعطل التزامات أخرى كثيرة، ما زال لدي ما يمكنني إنجازه. أعتقد أن ما أفعله الآن هو أنني أقضي وقتًا أطول في متابعة أخبار إيطاليا وما يُكتب في هذه الفترة عن الأدب الإيطالي والترجمات أيضًا، وأمنح وقتًا أطول للعناية بصفحة "المقهى الثقافي الإيطالي" التي أشرف عليها مع الزميل معاوية عبد المجيد. وفي الوقت نفسه أحاول منح بعض الوقت للبحث عن أعمال يمكن ترجمتها في المستقبل.
من الأشياء التي اعتدتُ عليها هي محاولة كتابة وتدوين مشاعري حيال ما يحدث، وأعتقد أنني ألجأ لهذه الحيلة كثيرًا في محاولة لتهدئة الأفكار الكثيرة والتعامل مع الأزمات بشكل عام. ولكنني حاليًا أحاول أيضًا أن أتعلم كيف أضيف الترجمات على اليوتيوب لمحاضرات أجدها تستحق الترجمة. كانت هناك بالطبع خطط سفر تأجلت الآن لأجل غير مسمى.
أمّا بخصوص ما أضافته الأزمة الحالية، ربما أكدت على بعض أفكاري ورؤيتي للحياة ولم تغير فيها الكثير، فكرة أننا نستطيع أن نعيش بأقل الأشياء الممكنة، وإن الاكتفاء فضيلة غالية مُنقذة في معظم الأوقات. وعلى الرغم مما ظهر من هلع شرائي وأنانية لدى بعض الناس إلا أن ما حدث جعلنا نشهد أيضًا قدرة البعض على العطاء والتضحية التي، في رأيي، لا يمكن للبشرية الحياة دونهما، وأن التكافل الاجتماعي، الذي ربما يكون ما ينقذ مجتمعاتنا العربية من ثورات أعنف من الثورة الفرنسية في زمنها، هو ما يميزنا كبشر وهو السبيل الأكيد للنجاة.
جعلتني الأزمة أرى بشكل أوضح كيف أننا كبشر سريعي العطب، شديدي الهشاشة، وعلينا أن ندرك حدودنا ومحدوديتنا، وأن نعرف أهمية الآخرين في حياتنا، وأنه على الرغم من أننا نعيش في عزلة مفروضة علينا، وتباعد اجتماعي مطلوب، إلا أنه لا سبيل للخروج من الأزمة، أو الاستمرار على قيد الحياة من دون تعاون فيما بيننا، وتواصل. والذي ظل ثابتًا لدي هو أن الموت ليس هو نهاية القصة، بل هو بداية قصة أخرى أجمل بكثير، ما زلت أتطلع إليها.
عالم ما بعد الكورونا، بخلاف ما سيعانيه من أزمات اقتصادية حادة وأوقات عصيبة كما يرى الجميع، سيكون، ربما لفترة، عالم لقاءات وتجمعات، ولكنه سيكون عالم ما بعد الصدمة أيضًا، شبيهًا بعوالم ما بعد الحرب، يحاول الجميع فيه جمع شتات ما تحطم وترميمه. وأتمنى أن يكون الأغلبية مدركين لهذا، ومدركين أيضًا كمية الألم والفقد والمعاناة التي سيعاني منها الكثيرون، وسيكون علينا جميعًا التعامل معها وكما تعاوننا في العزلة لكي نتجاوزها، أتمنى أن نتعاون أيضًا لتجاوز الأزمة القادمة.
زوينة آل تويه وأماني فوزي حبشي.. عن الترجمة والكورونا
رابط المقال الكامل: https://www.ultrasawt.com/%D8%B2%D9%88%D9%8A%D9%86%D8%A9-%D8%A2%D9%84-%D8%AA%D9%88%D9%8A%D9%87-%D9%88%D8%A3%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D9%81%D9%88%D8%B2%D9%8A-%D8%AD%D8%A8%D8%B4%D9%8A-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D8%AC%D9%85%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D8%B1%D9%88%D9%86%D8%A7/%D9%85%D8%B5%D8%B7%D9%81%D9%89-%D8%AF%D9%8A%D8%A8/%D8%A3%D8%AF%D8%A8/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9
Posted by Amanie F. Habashi at 05:59 No comments:
Email ThisBlogThis!Share to XShare to FacebookShare to Pinterest

مفكرة المترجم: مع أماني فوزي حبشي - حوار عن الترجمة مع جريدة العربي الجديدة - لندن

لندن - العربي الجديد
21 أغسطس 2018
تقف هذه الزاوية مع مترجمين عرب في مشاغلهم الترجمية وأحوال الترجمة
 إلى اللغة العربية اليوم


■ كيف بدأت حكايتك مع الترجمة؟
- بدأت بدراستي الجامعية للغة الإيطالية، وتطوّرت علاقتي بالترجمة عندما شعرت بأنني

 أريد أن أشارك أصدقائي ما أقرأه وأستمتع به. كانت رواية "الفسكونت المشطور" 
لإيتالو كالفينو أول ترجماتي في الإطار الأكاديمي، حيث كانت جزءاً من رسالتي
 البحثية للحصول على درجة الماجستير في الترجمة، وكان عملاً صعباً كما هو الحال مع 
أول ترجمة، ولكنني تعلمت منه الكثير، وبعد "الفسكونت المشطور"، كان أول اختيار شخصيّ لي رواية "اذهب حيث يقودك قلبك" لسوزانا تامارو وقد ترجمتها لتقرأها معي صديقاتي.


■ ما هي آخر ترجماتك المنشورة، وماذا تترجمين الآن؟
- آخر عمل نُشر لي هو "صوت منفرد" لسوزانا تامارو، وقبلها بقليل صدرت ترجمتي لكتاب تاريخي بعنوان "سبارتاكوس.. السلاح والإنسان". هناك عدة أعمال ترجمتها وما زالت قيد النشر. وحالياً أترجم رواية جديدة لسوزانا تامارو.



■ ما هي، برأيك، أبرز العقبات في وجه المترجم العربي؟
- شخصياً، أكثر العقبات التي قابلتني وتقابلني حتى اليوم هي عملية التواصل مع بعض دور النشر، فكثيراً ما أعاني من انعدام التواصل مع الناشرين بعد تسليم الترجمة، فلا أعلم متى ستصلني النسخة النهائية للمراجعة الأخيرة، هذا إذا وصلت، أو متى ستُنشر الترجمة، أو حتى ميعاد وصول المستحقات المالية. إضافة لوجود مشكلة التوزيع لدى بعض المؤسسات ومشاريع الترجمة.



■ هناك قول إن المترجم العربي لا يعترف بدور المحرِّر، هل ثمة من يحرّر ترجماتك بعد الانتهاء منها؟
- في الحقيقة، لم تكن لدي خبرة مع محرّرين في المؤسسات التي عملتُ معها، فلا وجود فعلي للمحرّر في مؤسسات النشر، حيث تعتمد غالباً على المراجع اللغوي، أو مراجع اللغة الأجنبية، ولكن دور المحرّر للترجمة دور مختلف، وكانت لدي خبرة إيجابية في ترجمتي لرواية "أصوات المساء" التي قمت بها لـ "دار الكرمة"، وكانت بالنسبة لي مثل الحوار مع قارئي الأول. مشكلة المترجم أحياناً أنه يكون قد تشبع بفهم النص، فلا يرى في بعض الأحيان غموض بعض العبارات. ولكن كانت تلك المناقشات مثمرة انتهت باختيار ما هو أفضل للنص، وبالتالي للقارئ.



■ كيف هي علاقتك مع الناشر، ولا سيما في مسألة اختيار العناوين المترجمة؟
- أحياناً، أتقدم أنا باقتراح العناوين، أختارها وأقدّم نبذة عنها، وفي أحيان أخرى تُعرض عليّ عناوين مُحددة من دور النشر لترجمتها. ويحدث أن يطلب الناشر ترجمة كاتب معين ويترك لي تحديد العمل المترجم، فيكون اختيار العناوين المترجمة اختياري أيضاً في النهاية.



■ هل هناك اعتبارات سياسية لاختيارك للأعمال التي تترجمينها، وإلى أي درجة تتوقفين عند الطرح السياسي للمادة المترجمة أو لمواقف الكاتب السياسية؟
- عادة لا أرفض ترجمة الآراء التي أختلف معها إذا كانت معرفتها ستفيد القارئ. فليس هدف الترجمة الترويج لفكر معيّن ولا الرقابة على الأفكار ولكن نقل أفكار وطرحها، ليتمكن القارئ من تكوين وجهة نظره الخاصة. وفي كل الأحوال إذا أراد المترجم التعبير عن رأيه الخاص في الطرح المُتناول فيمكنه أن يكتب مقدمة للترجمة، ويحدث هذا عادة بالاتفاق مع دار النشر.



■ كيف هي علاقتك مع الكاتب الذي تترجمين له؟
- عادة تكون العلاقة مع المكتوب. مرات قليلة تراسلت مع الكاتب، سواء بشأن الحقوق أو كما حدث مع الكاتب الإيطالي ماوريتسيو مادجاني أجاب عن أسئلة خاصة برواية كنت قد ترجمتها له، ونُشر الحوار وقتها في جريدة "أخبار الأدب".



■ كثيراً ما يكون المترجم العربي كاتباً، صاحب إنتاج أو صاحب أسلوب في ترجمته، كيف هي العلاقة بين الكاتب والمترجم في داخلك؟
- أحاول أن أنحّي أي أسلوب خاص بي في سبيل الحفاظ على أسلوب المؤلف، لأنني أجد في ذلك نوعاً من الإخلاص للمؤلف وللقارئ، ولكن هذا لا يمنع أن لكل مترجم مفرداته الخاصة.



■ كيف تنظرين إلى جوائز الترجمة العربية على قلّتها؟
- أعتقد أنها لفتة جميلة تقوم بها المؤسسات للتشجيع على الترجمة. أتمنى في المستقبل أن يطلب منظموها من المترجمين النسخ الإلكترونية (بي دي أف) لأعمالهم وليس إرسال نسخ ورقية، حيث يجد العديد منهم الصعوبة في الحصول على نسخ من الكتاب الأصلي وكتبهم نفسها وإرسالها إلى جهة بعيدة. ربما سيشجع هذا عددا أكبر من المترجمين على المشاركة.



■ الترجمة عربياً في الغالب مشاريع مترجمين أفراد، كيف تنظرين إلى مشاريع الترجمة المؤسساتية وما الذي ينقصها برأيك؟
- كما سبق وذكرت، ربما نحتاج خطة ترجمة واضحة، لأن ما لاحظته في العمل مع بعض المؤسسات هو أنها تعتمد على ترشيحات الأفراد للأعمال، وليس لديها لجنة استشارية خاصة باللغة المراد الترجمة عنها تضع لها قائمة أعمال، وأسباب أهمية ترجمة تلك الأعمال. وأيضاً نحن في حاجة إلى خطة توزيع، ودعاية كافية للأعمال المترجمة.



■ ما هي المبادئ أو القواعد التي تسيرين وفقها كمترجمة، وهل لك عادات معينة في الترجمة؟
- في البداية هناك مرحلة قراءة النص كله، ثم قراءة ما كُتب عن النص والمؤلف. وإذا كان الكتاب تاريخياً مثلاً، أحاول قراءة ما كُتب عن تلك الحقبة التاريخية باللغة العربية أولاً. أبدأ بنص كمسودة، ثم أعيد مراجعة النص مرة أخرى وإجراء التعديلات المطلوبة، ثم عند الانتهاء أترك النص بضعة أيام لأعود وأقرأه من جديد، وتعديله قبل تسليمه.



■ كتاب أو نص ندمت على ترجمته ولماذا؟
- لا أتذكر أنني ندمت على اختيار ترجمة معيّنة، ولكن ربما على النتيجة، حيث إنني ترجمت أشياء تمنّيت لو كنت ترجمتها بطريقة مختلفة أو بطريقة أفضل. ولكن كلها خبرات يتعلم منها المرء في النهاية. وأعتقد أن المترجم سيجد دائماً ما يغيّره في ترجمته عندما يقرأها بعد فترة.



■ ما الذي تتمنّينه للترجمة إلى اللغة العربية وما هو حلمك كمترجمة؟
- أتمنى أن يثق الناس في الترجمات إلى اللغة العربية كما يثقون في الترجمات إلى اللغة الإنكليزية، على الرغم من أنها أحياناً تكون غير دقيقة، ولكن، لسبب ما، وربما لحرص دور النشر على أن يخرج الكتاب في أبهى صوره يتخيّل القارئ أنها أفضل ترجمة يمكن أن يحصل عليها من لغة أجنبية. أتمنى أن يحرص ناشرو الترجمات العربية على إخراج النصوص وتحريرها بصورة جيدة. أما حلمي كمترجمة فأن أترجم نصوصاً تزيد من الوعي الإنساني لدى القراء، تدفعهم إلى التساؤل ومراجعة الأحكام المُسبقة والأفكار التي تحيط بهم، لينظروا إلى الواقع والفئات المهمشة والمنبوذة حولهم بصورة مختلفة، ربما أكثر إنسانية.



بطاقة
مترجمة مصرية من مواليد القاهرة عام 1968، وتقيم حالياً في المملكة المتحدة. من ترجماتها: "بندول فوكو" لأومبرتو إيكو، وثلاثية "الفسكونت المشطور" و"البارون ساكن الأشجار" و"فارس بلا وجود" لـ إيتالو كالفينو، و"العبودية في العصر الحديث" لـ باتريسيا ديلبيانو، و"سبارتاكوس" لـ آلدو سكافونه، و"القبعة ذات الأجراس" للوجي بيرانديللو، و"صوت منفرد" لسوزانا تامارو.

رابط الحوار: https://www.alaraby.co.uk/culture/2018/8/21/%D9%85%D9%81%D9%83%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%B1%D8%AC%D9%85-%D9%85%D8%B9-%D8%A3%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D9%81%D9%88%D8%B2%D9%8A-%D8%AD%D8%A8%D8%B4%D9%8A
Posted by Amanie F. Habashi at 05:50 No comments:
Email ThisBlogThis!Share to XShare to FacebookShare to Pinterest

Friday, 5 April 2019

حكايتي مع ترجمة الجبال الثمانية في مقال جميل عن الرواية للكاتب عبدلله ناصر

تقول الدكتورة أماني إنها ابتاعت الجبال الثمانية حال فوزها بجائزة “ستريغا” لقراءتها وربما ترجمتها. وما إن بدأت في القراءة حتى ساورها التردد والخوف بمجرد أن عرفت أن الرواية تدور في أجواء جليدية قارسة، أجواء لا تحبها ولا تحب التواجد فيها. تسببت أسماء الجبال الكثيرة الغريبة في إثارة قلقها. تُرى ماذا سيكون وقع كل تلك الأسماء الأجنبية على القارئ العربي. قررت أن تؤجل مشروع ترجمتها لانشغالاتها المتعدِّدة حتى عرضت عليهـا دار الخيـال ترجمة العمل. 
وتضيف حبشي: “لم أتردَّد في الواقع. فأنا أعرف طالما أن كتاباً ما شغلني لفترة ووجد الآن طريقه إلي، فهذه علامة على أنني لا بد أن أترجمه، فهو كتابي. لذلك وافقت على الفور وقرَّرت أن أقبل التحدي. ولعلها تكون فرصة لي أنا أيضاً لأغيِّر مفهومي عن الأجواء الباردة. ومع التعمق أكثر في الرواية، والتوغل أكثر في تلك القرى الجبلية وفي الكيفية التي تناول بها كونيتي العلاقات: علاقات الصداقة وعلاقته بأبويه وطريقة حديثه عن تطورها، بل علاقة أمه بأبيه أيضاً، وبراعته في تناوله علاقة الأشخاص بالأماكن، وجدت خلف تلك الواجهة الجليدية دفئاً يستحـق أن يُنقـل، وعلاقات جديرة بأن تُحكى. وانتقل خوفي من الأسماء وغرابتها 
إلى خوف على تلك المشاعر”

 :رابط المقال
https://qafilah.com/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A8%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9/

Posted by Amanie F. Habashi at 07:55 No comments:
Email ThisBlogThis!Share to XShare to FacebookShare to Pinterest

Thursday, 13 September 2018

الجبال الثمانية - قصة صداقة


تتناول الرواية حياة أسرة بسيطة ارتحلت من موطنها الجبلي، في ظروف لن نعرفها إلا في نهاية الرواية، لتنتقل لتعيش في مدينة ميلانو، وكيف أثر ذلك على سلوكيات ومزاج الأبوين، حتى عثرا على ملاذ لهما من خلال قضاء العطلات الصيفية في قرية جبلية أخرى جديدة، تبعدهما أكثر عن موطنهما الأصلي، ولكنها تعيد الأب، بصفة خاصة، لهوايته الأولى المحببة، وهي تسلق الجبال. وهناك يتعرف الابن على الجبل، وعلى الصداقة أيضًا. في القرية يبدأ الابن علاقة صداقة فريدة من نوعها، مع صبي يعيش في القرية ولا يغادرها قط، يرعى الأبقار ويعيش في مكان هو أصغر من فيه، تحيط به الحطام من كل جهة، في قرية ليس لدى من يسكنها تطلعات لأي تغيير، ولا حتى للمستقبل. 


 يأخذنا كونيتّي معه فوق جبال عالية، نشعر فوقها معه بالدوار والخوف في لحظات كثيرة، والنشوى وشجون الذكريات وذلك من خلال الأحداث التي يعيشها أبطال الرواية. نتعلم أكثر منه عن الجبال، وعن كونها ليست فقط مكان القمم والجليد، الملاجئ الجبلية والوعول، ولكنها أيضًا أسلوب حياة: متى يترك المرء مسافة، متى يتراجع، متى يتقدم المسير ومتى يلتزم الصمت. ولا يكتفي كونيتّي بالألب، ولكنه يصحبنا معه أيضًا للتعرف على جبال الهيمالايا، وعلى حكمة شعبها. 


ففي هذه الرواية، البسيطة والعميقة في آن واحد، يقدم لنا كونيتّي تلك التفاصيل الصغيرة، تفاصيل صداقة امتدت لثلاثين عامًا بين من عاش في المدينة وتجول حول العالم ومن لم يتحرك من قريته الجبلية الصغيرة، ومعها تفاصيل حكايات أخرى، وصداقات أخرى. 


وُلد "باولو كونيتّي" في ميلانو عام 1978، بدأ أول تجربة للكتابة له وهو في سن الثامنة عشر، درس الرياضيات وكان يهوى تسلق الجبال وقام بعد التخرج من مدرسة السينما في ميلانو بالعمل على إخراج أفلام وثائقية اجتماعية وسياسية وأدبية. 

بدأ كروائي عام 2004 بمجموعة قصصية "كتيب الفتيات الناجحات" ثم عام 2007 مجموعة قصصية ثانية "شيء صغير على وشك الانفجار"، و"الفتى البري" عام 2013. وقام أيضًا بتأليف العديد من الأفلام الوثائقية منها سلسلة من تسعة أجزاء عن الأدب الأمريكي. وفاز بعدة جوائز أدبية عن أعماله. 

ألف "الجبال الثمانية" عام 2016، التي فازت بجائزة "ستريجا  2017، وهي من أهم الجوائز الأدبية الإيطالية، حصل عليها من قبل كل من: أومبرتو إيكو، دينو بوتزاتي، ناتاليا جينزبورج، مورافيا وبافيزي وغيرهم. ترجمت الرواية إلى أكثر من 30 لغة. 


Posted by Amanie F. Habashi at 10:22 No comments:
Email ThisBlogThis!Share to XShare to FacebookShare to Pinterest

Friday, 7 September 2018

الإيطالي إيتالو كالفينو وأدب المقاومة: معنى "ما" للحياة

إنضم إيتالو كالفينو لأحزاب سياسية شيوعية بعد الحرب في محاولة لتحقيق حلم الديمقراطية الحقيقية في إيطاليا، ولكن أدرك أنه لا يجب وضع الأدب في المرتبة الثانية من السياسية حيث تفشل السياسة في معظم الأوقات في إنجاز أهدافها، في حين أن الأدب ينجح على الأقل في إنجاز شيء ما، فعاد مرة أخرى لوضع الكتابة في أولوية أهدافه.

ما كان يدفع المؤلّف الشاب وقتها على الكتابة لم تكن الرغبة في التوثيق، ولكنها كانت الرغبة في "التعبير"، "التعبير عن أنفسنا وعن المذاق المر للحياة، الذي شعرنا به آنذاك"، هذا ما كتبه إيتالو كالفينو في مقدّمته للطبعة الجديدة المنقّحة  (1964) لأول رواية له عن المقاومة "مدق أعشاش العنكبوت" والتي نُشرت عام 1947، أي بعد عامين من اشتراكه هو شخصياً في صفوف المقاومة لمدة عام، قبل الانتصار ونهاية الحرب
وعن خبرته تلك وعلاقتها بإبداعه الأدبي يقول:  في تلك الفترة أردنا التعبير عن المذاق المرّ للحياة. كنا نكتب عن شخصيات قابلناها، مناظر رأيناها، عن طلقات الرصاص والأوضاع السياسية، كانت تعلو في رواياتنا الأصوات العامية والسباب، الأغاني وأناشيد النضال، كنا نعرف وقتها أن جميعها تكّون ألوان اللوحة النهائية، كنا نُدرك أن الأهم في الموسيقى هو اللحن وليست النوت الموسيقية. كانت تلك هي نزعة "الواقعية الجديدة" بالنسبة لنا
ولد إيتالو كالفينو فى سانتياغو لاس فيغاس (كوبا) عام 1923، وقضى مرحلة شبابه في مدينة سان ريمو بشمال إيطاليا أثناء اشتراكه في حرب تحرير إيطاليا وعمليات المقاومة بها ضد الفاشية والنازية. كانت عائلة مثقّفة لم يكن لديها أية انتماءات سياسية. في نهاية 43 عندما كان عُمر إيتالو كالفينو حوالى 20 سنة، قرّر الاشتراك في المقاومة، فصعد إلى الجبل وانضمّ لإحدى الجماعات التي كانت تقاوم الاحتلال الألماني.

حصل كالفينو على شهادته الجامعية في الآداب من جامعة تورينو وعمل مع الكاتب الإيطالي الكبير شيرازي بافيزي في هيئة التحرير في دار نشر "إيناودي" بمدينة تورينو، ثم صار في ما بعد واحداً من كبار مستشاريها. وفي عام 1959 اشترك مع الكاتب الإيطالي إليو فيتوريني في إصدار إحدى الدوريات الإيطالية الهامة التي تناولت بالعرض والدراسة مشاكل الثقافة المعاصرة.
يُعدّ إيتالو كالفينو من أهم أدباء المقاومة الذين ظهروا في أعقاب الحرب العالمية، حيث بدأ بمجموعة قصصية "وأخيرًا يأتي الغراب"، ويقول عن خبرة كتابتها: ولسبب ما بدأت بقصص المناضلين من رجال المقاومة إذ إنها كانت تحقّق نتائج ناجحة حيث كانت مليئة بالمغامرات والحركة، وطلقات الرصاص، كانت قاسية ومرحة إلى حد ما، مثل روح هذا العصر، وتتميّز بروح "الإثارة" التي تشبه الملح في الرواية.
عن تلك المجموعة القصصية يرى النقّاد أنها كانت بمثابة سيرة ذاتية، والتي عندما أدرك هو ذلك، وأنها تكاد تكون عملية توثيق تعوق عملية الابداع الأدبي، شرع على الفور في كتابة روايته الأولى "مدق أعشاش العنكبوت" حيث بطل الرواية هو طفل "بن" ينضم للمقاومة رغم حداثة سنّه، طفل ينتمي لطبقة مهمّشة من المجتمع، ينضم لجماعة من المناضلين، يحكي كل منهم عن نفسه في أمسياتهم على الجبل.
عن تلك الفترة يقول في مقدّمته للطبعة الجديدة: إن الانفجار الأدبي لتلك الأعوام في إيطاليا، قبل أن يكون حدثاً فنياً، كان أمراً وجودياً وجماعياً. كنا قد عشنا الحرب، بالنسبة إلينا نحن الأصغر سناً - إشتركنا في المقاومة في الفترة الأخيرة - لم نشعر أن الحرب سحقتنا أو هزمتنا، ولكننا كنا منتصرين، تدفعنا دفعة الحماس التي اكتسبناها من المعركة التي انتهت لتوّها. لكنه لم يكن تفاؤلاً سهلاً، أو حماساً مجانياً، بل بالعكس، فقد وجدنا أنفسنا نواجه معنى "ما" للحياة، شيء يمكنه أن يبدأ من الصفر، قدرتنا على أن نعيش التمزّق والهزيمة، ولكن كانت النبرة التي استخدمناها هي نبرة فرح متعالٍ. أشياء كثيرة ولدت من هذا المناخ، وأيضاً شرارة قصصي الأولى وروايتي الأولى.
 إن الخروج من خبرة ما – حرب، أو حرب أهلية- لم تدخّر أحداً، أنشأت نوعاً من الاحتياج الفوري للتواصل بين الكاتب وجمهوره، الذي كان بدوره لديه قصصاً يرغب في قصّها، عاش كل واحد العديد من القصص ليحكيها، كان لكل منهم قصته الخاصة، عاشوا جميعهم حيوات غير عادية، درامية، مليئة بالمغامرة. قادت الحرية المولودة من جديد والقدرة على التحدّث الناس إلى جنون الحكي. فباتوا يحكون في القطارات التي عادت لتعمل، حاملة البشر وأجولة القمح وأوعية الزيت، كان كل مسافر يحكي للغرباء الأحداث التي مرّت به، وهكذا فعل كل من شارك في مأدبة جماعية شعبية، وفعلت كل امرأة في طابور حانوت ما، وكأن كآبة الحياة اليومية قد تحوّلت لحدث من عقود مضت، وكانوا يتحرّكون في كون من الألوان المتعدّدة من الحكايات.
من بدأ في الكتابة عندئذ وجد نفسه هكذا يتعامل مع المادة الخاصة بالراوي المجهول، للقصص التي عاشها شخصياً أو التي شهدها. كان يضيف تلك التي وصلت إليه أيضاً عن طريق الحكي، والنقل الشفاهي، من خلال إيقاع ما أو تعبير إيمائي. أثناء حرب المقاومة كانت القصص التي عاشها المرء للتوّ تتحوّل وتتشابك مع قصص تُحكى في الليل حول النيران، قصص تكتسب بالفعل أسلوباً ولغة، ويعتقد المرء أنها أصبحت قصته.
إنضم إيتالو كالفينو لأحزاب سياسية شيوعية بعد الحرب في محاولة لتحقيق حلم الديمقراطية الحقيقية في إيطاليا، ولكن أدرك أنه لا يجب وضع الأدب في المرتبة الثانية من السياسية حيث تفشل السياسة في معظم الأوقات في إنجاز أهدافها، في حين أن الأدب ينجح على الأقل في إنجاز شيء ما، فعاد مرة أخرى لوضع الكتابة في أولوية أهدافه.
ويقول في مقدمة روايته "أسلافنا" عن تلك الفترة
وهكذا حاولت أن أكتب روايات تتبع اتجاه الواقعية  الجديدة،  تحكي عن حياة الشعب في تلك الأعوام، ولكنها لم تحظ برضاي فتركتها كما هي بخط اليد في درج مكتبي. فإذا أخذت أحكي بنبرة مرحة، كان الأمر يبدو مصطنعاً؛ فالحقيقة كانت معقّدة جداً؛ وكان كل أسلوب أدبي استخدمته للتعبير عن هذا الواقع يبدو مصطنعاً. وإذا استخدمت نبرة أكثر جدّية وتأملاً كان كل شيء يتحوّل إلى اللون الرمادي، للحزن، وكنت أفقد أية بصمة تشير إليّ، أي الدليل الوحيد على أن من يكتب هو أنا وليس شخصاً آخر. لقد كان جرس الأشياء هو الذي تغيّر؛ فلقد تباعد زمن الحياة المنفلتة إبان فترة المقاومة وفترة ما بعد الحرب، ولم يعد المرء يصادف كل تلك الأنماط الغريبة التي كانت تحكي قصصاً استثنائية، أو ربما كنت ما زلت أصادفهم ولكنني لم أعد أتعرّف على نفسي من خلالهم ومن خلال قصصهم. واتخذُت الحقيقة مواقف مختلفة وطبيعية في مظهرها الخارجي، وأصبحت تلك الحقيقة حقيقة مؤسّسية، فلم يعد من السهل رؤية الطبقات الشعبية إلا من خلال المؤسّسات التي تمثّلها؛ وأصبحت أنا أيضاً منضمّاً إلى فئة لها وضعها القانوني، فئة المثقّفين في المدن الكبرى، بحللهم الرمادية وقمصانهم البيضاء. ولكني فكّرت: ما أسهل إلقاء اللوم على الظروف الخارجية، ربما لم أكن كاتباً حقيقياً، ربما كنت شخصاً كتب مثل كثيرين مأخوذاً بفترة التغييرات؛ ثم انطفأ بداخله هذا الحماس
كان كالفينو يرى، كما صرّح بذلك في مقدّمات رواياته أو في لقاءات صحفية مختلفة أن الإنسان المعاصر ممزق، منقسم، غير مكتمل، بل عدو لنفسه، بوصفه ماركس بأنه "مغترب" وفرويد بأنه "مقمع"، فإن حال التناغم القديمة قد ولّت، وبدأنا نتطلّع إلى نوع جديد من التكامل. وهكذا بدأ يسعى للوصول إلى هذا النوع من التكامل في رواياته،
وكأنه يرغب في أن يُعيد للإنسان، من خلالها، تلك الحال التي يسعى إليها

أماني فوزي حبشي

Posted by Amanie F. Habashi at 13:31 No comments:
Email ThisBlogThis!Share to XShare to FacebookShare to Pinterest

Friday, 6 July 2018

ما هي الحياة الحقيقية


أنت تجلس في مسرح، تتذكر فجأة أنك نسيت أن تغلق سيارتك، يبدأ القلق في السيطرة عليك، ولا تستمتع بالحفل الذي أتيت لأجله، هذه هي صورة الحياة التي نحياها. 

فالحياة هي ما يحدث أمامنا، ولا نراه، لأن ذهننا مشغول بأشياء أخرى. 
فنحن نعيش وذهننا مشغول طوال الوقت بنتائج ما فعلناه، وماذا سيحدث إذا، رد فعل الآخرين، تفكيرهم فينا، ما نبدو عليه وما نرغب في أن نكونه، ما حدث في الماضي وما سيحدث في المستقبل، ولا نستمتع باللحظة الحاضرة. 
الحياة وليمة ولكن أغلبنا يعيش حياته جائعًا... 
Life is something that happen to us while we are busy with something else. 
فنحن مشغولون طوال الوقت: بأن نعجب شخص ما، بأن نبدو على أحسن حال، بالنجاح، بنجاح أولادنا وتفوقهم، بالفوز.... إلخ والحياة تعبر 
مثل المتسولون الذين يعثرون على ثروات في أكواخهم بعد موتهم، وعاشوا حياتهم يتسولون. 
فلنستيقظ من نومنا إذن، من تأثير المخدرات علينا... 
أنت مُخدر/نائم إذا كانت تحكمك الاضطرابات والقلق طوال الوقت. 
فهمنا للأشياء يتحكم في حياتنا والوعي والرغبة في الرؤية يغير من طبيعة ما نعيشه. 
على سبيل المثال هناك ذلك الوهم الأعظم الذي نعاني منه جميعًا، ذلك المخدر الذي تربينا عليه جميعًا، والمخدر الذي تربينا عليه هو: القبول، الشعبية، رضا الآخرين.. بمجرد أن نعيش على هذا المخدر... يؤثر علينا بسهولة ويتحكم في مشاعرنا وتصرفاتنا. فنحن نخشى أن نخطىء أن يضحك أحدهم على تصرفاتنا، فإذا انتقد أحد تصرفاتنا/أعمالنا، ننهار، فنحن لا نستطيع أن نتحمل هذا، لأننا نبحث عن رضا من حولنا، عن اعجابهم. فالنتيجة التي تصل إليها في النهاية هي أنك تفقد قدرتك على الحب، فالناس بالنسبة إليك هم مصدر ذلك المخدر، فالسياسي يرى البشر كأرقام تصويت، وهكذا أنت أيضًا ترى الناس (في عصرنا الحالي) كمشجعين، مصدر تقييم، مصدر للايك وعدد المتابعين. 
الحرية هي أن تعيش بلا مخدر، بأن تتغذى على الطعام الجيد، تستمتع بجمال الطبيعة، ترفع نظرك عن نفسك وعمن حولك، 
الحرية هي أن تحب، دون أن تنتظر المقابل 


من محاضرة أنتوني دي ميللو (الراجل الباشا/البرنس). لينك المحاضرة .
https://www.youtube.com/watch?v=NJAICeUVFfU


Posted by Amanie F. Habashi at 01:47 No comments:
Email ThisBlogThis!Share to XShare to FacebookShare to Pinterest

Sunday, 20 May 2018

عن أخيلة الظل والقراءة البطيئة

بعض الروايات نبدأها وننتهي من قرائتها بسرعة، بل وأحيانًا نحاول نحن أن نسرع من القراءة حيث تأسرنا الأحداث والرغبة في معرفة ماذا سيحدث بعد ذلك للشخصيات،  وكيف سينتهي هذا الأمر أو الآخر ... تلك الإثارة في الكتابة والتي تحملنا معها في متعة خاصة
البعض الآخر يستلزم نوعًا من القراءة الهادئة، اسميها التأملية، فأنا لا أقرأ مغامرة ولا
 قصة أحداثها سريعة ولكن عمق ما، دعوة للتوقف أمام  "تطور" مشاعر الشخصيات، تأمل في كل حركة وفعل، بل وفكرة، تأمل في الأحداث الحالية، والأحداث الماضية، ومحاولة البحث في تلك الوقفات عن المعنى، معنى لتواجدهم على تلك الصفحات، ومعنى تواجد أشياء كثيرة حولهم وحولنا في الحياة 

 ورواية   أخيلة الظل لمنصورة عز الدين من تلك النوعية الثانية.  بدأت القراءة منذ أسابيع، ولازلت أستمتع بها، أستمتع بتلك التأملات التي تأتيني في ظلال تلك الشخصيات في أخيلتها بالفعل، والبطء في القراءة هنا، في حالتي، من أكثر عوامل الاستمتاع بالرواية، حيث أجد نفسي أتوقف أمام بعض فقرات الكتاب لأفهم  ما يرغب المؤلف في نقله، أفهم أشياء عن الشخصيات بل وأفهم أيضًا أشياءً عن نفسي، 
ومن الفقرات التي توقفت عندها اليوم هي تلك التي تتحدث عن الكلمات 

 كان قد قرأ يومًا عن "البابو" وهي قبائل لغتنها فقيرة ومعجمها اللغوي محدود ويتناقص باستمرار، لأنهم يحذفون كلمات من لغتهم كلما مات أحدهمّ لم تشبع المعلومة العابرة فضوله: هل تٌحذف الكلمات اعتباطًا؟ أم يميتون قصدًا كلمات معينة مرتبطة في ذاكرتهم بالفقيد؟ 
 أسرته الفكرة لفترة: لغة تنكمش حتى تغرق في الصمت والسكون، ويستعيض متحدثوها عنها بالإشارات. لغة تتلاشى، لا ريب، بما أنها محدودة، وبما أن الموت حدث حتمي. ذكره هذا بجدته بشكل ما، بدت له كأنما كانت تنتمي إلى هذه القبائل وتحذو حذو أفرادها. 
مؤكد أنها لم تعرف شيئًا عنهم، ومع هذا سارت على نهجهم، دون وعي منها. ابتلعت كلمات كثيرة، وتركتها تغرف في جوفها، لم تنطق بها لا بلغتها الأم، ولا بلغة زوجها الأصلية أو لغة مهجرهما. لم تصمت فقط عن حكي ما مرت به من أهوال، لكنها أبادت من قاموسها اليومي كل ما لع علاقة بذكرياتها المُعذبة. لم تنطق يومًا بمفردات مثل: النار، الحريق، القتل، الاغتصاب، البكاء، الارتعاش، السكين، والسيف. 
كأن إنكار مفردات الشر والألم سيحفظ البشرية من المعاناة، بل سيلغي كل أوجه المعاناة من الوجود

تكفيني إذن تلك الفقرات الثلاثة، لتشغلني وتطرح عليّ الكثيرمن الاسئلة عن علاقتي بالكلمات، وعن علاقة من حولي بها... عن بعض الكلمات، وعن الفارق بين نطق 
الكلمات وكتابتها أيضًا 
Posted by Amanie F. Habashi at 05:32 No comments:
Email ThisBlogThis!Share to XShare to FacebookShare to Pinterest
Older Posts Home
Subscribe to: Comments (Atom)

About Me

My photo
Amanie F. Habashi
View my complete profile

Blog Archive

  • ▼  2020 (2)
    • ▼  June (2)
      • أماني فوزي حبشي.. عن الترجمة والكورونا
      • مفكرة المترجم: مع أماني فوزي حبشي - حوار عن الترجم...
  • ►  2019 (1)
    • ►  April (1)
  • ►  2018 (8)
    • ►  September (2)
    • ►  July (1)
    • ►  May (2)
    • ►  February (1)
    • ►  January (2)
  • ►  2017 (16)
    • ►  November (3)
    • ►  August (5)
    • ►  July (4)
    • ►  May (3)
    • ►  March (1)
Simple theme. Powered by Blogger.